آخر خبر
اخبارك في موعدها

فاطمة عبدالله .. تكتب: قصة قصيرة ..” قلوب متجمدة”..!!

فاطمة عبدالله.. تكتب قصة قصيرة ..” قلوب متجمدة”

………….

منتصف شهر ديسمبر ليلة تقرفصت علي نفسها من شدة الصقيع الذي جمد حتي أنفاس العشاق …..صرخت وليدها الذي اتي منذ ثماني وأربعين ساعة مرتجفا من شدة البرد رغم حضن امه الدافئ .. أحكمت الغطاء حوله لتمنحه بعض الدفء ولكنه لم يكف عن البكاء ..فقد ارتحل القطب الجنوبي بهذه السنة لبلاد الشمس …تيار بارد مع صوت عواء ريح الجنوب القارصة فتحت النافذة بعنف لم تحتمل اوصالها الواهنة هذا الصقيع فهي واضعة للتو أو قبل يومين مولودها الباكي …كانت بغرفة بالطابق العلوي لمستشفي النساء والتوليد …برفقتها والدتها المسنة التي غفت من شدة التعب وتقوس جسدها طلبا للدفء….ركضت لتوصد النافذة …

انتصف الليل .

علي الجهة المقابلة من الشارع ..أجساد صغيرة تتلاحم أجسادهم ردا علي سطوة البرد الذي نخر عظامهم استلقوا قرب بعضهم البعض متشابكي الايدي يلتحفون الورق دثارا…لم يجدوا مايحميهم غير صناديق ورقية فارغة كانت ملقاة أمام المحال التجارية …صنعوا منها أغطية ترحمهم من لسعات برودة تلك اليلة الباردة….وهم في نومتهم لا ادري ما إذا كانوا يحلمون وهل تجوز الأحلام لمثلهم….وهم نيام مغمضي الأجفان ولكن قلوبهم لم تنم فقد كانت تكابد وتناضل لتنبض. ..سيارات فارهة واخري صدئة مرت من أمامهم دون لحظة رثاء لحالهم لم يعيروهم ادني اهتمام….ياللمساكين…

فاطمة … ناداها صوت خفيض ناعس اوصدي النافذة يا ابنتي تجمدنا من البرد…اعادها صوت والدتها من زهول اللحظة وحالة الشرود التي انستها شعورها بالبرد…وحتي طفلها الباكي لم تسمع صوته ولربما نسيته ….قالت بألم : أتدري يا أماه…نحن لدينا نافذة لنوصدها وأغطية نتدثر بها …وها نحن نرتجف وتصتك اسنانا …ماذا لديهم هم ليحميهم ..تسائلت الام من تقصدين يا فاطمة عمن تتحدثين؟

انهم اطفال الشوارع يا امي……

رددت الام بيقين.

لهم الله…..وحده معهم ولن ينساهم.

سألت دمعة حارقة علي اسيل خدها الناعم…وحين سقطت علي جبين صغيرها هدأ نحيبه ونام بهدوء…وكل من بالغرفة شعر بالدفء المحبب وحلت السكينة….بعتمة الصمت المهيب …همست

انت محقة يا امي..

الله معهم……

ولملم القطب الجنوبي رحاله محلقا بفضاءات بعيدة….

نام الصغار ملئ جفنوهم….وعلي حين غفلة طبعت الشمس قبلة دافئة علي قلوبهم المتجمدة…….

                 .

شاركها على
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.