علي الجدار تراقصت الظلال بنشوة عارمة..كأنما تحول الحجر الصلد لآلات موسيقية صاخبة ..كل ما حوله يرقص بجنون …خيل له أن أطرافه انسلخت عن جلده وشاركت بالحفل الصاخب …دوي الطبول اخترق سكون عقله..تلك الضوضاء ازعجته…هو يعشق الهدوء والموسيقي الساحرة الكلاسيكية ..من اين اتاه هذا الضجيج…نظر لأعماقه باحثا عن مصدره…لكنه صعق حين رأي نفسه فارغة ..هي عبارة عن تجويف لحفرة هائلة قاتمة السواد ..لاشئ غير الفراغ…لا أحشاء…ولا قلب…ولا رئتين…اين انسانه…بنيته ..واعضائه…تلمس بهلع رأسه ..أهو موجود …اجل ..اجل …هاهوذا….ردد بحيرة….غريبة ..اذا كان عقلي موجود ..فأين قلبي….واين بعضي …بينما كان بمنتصف بحر حيرته المتقلب. ..انتبه للسكون المهيب الذي عم المكان…اين الراقصون…واين الطبول ..والضوضاء….كيف اختفي الجميع بلحظة….نفض عن عقله الحائر نسيج العناكب الممتد بلا نهاية……ومضت ذكري بعقله المعتم…تحت ظلال السنديانة الوارفة الظلال تشابكت ايديهما بحب وهيام. .. كانا ينهلان من معين الحب السرمدي …كل ماحولهما يعزف لحن جمال اللحظات….كانت تهمس له بحديث مملوء بالحب والعتاب …كأن يتأملها بعيني عاشق ولهان ..يستمع لعتابها ويبتسم ولا يرد بغير كلمة واحدة …بحبك…أنا أحبك…..
كما ومضت الذكري اختفت بلحظات وحل محلها الزهول ….كان ينظر لما حوله بشرود تام كأنه يبحث عن شئ ضائع بكومة الأشياء حوله….و……سقطت الكأس من يده …واخذه الكري برحلة غير واضحة المعالم….ولحقته صورة جسده الفارغ بمنامه…..
ومرت السنون.. وتفاقم حاله….اذداد الضجيج من حوله ..وتشوشت الصور …ولا شئ…سوي الفراغ………..افرغ كل حياته بكأس…اذابها…ارتشفها بتلذذ….وارتشف معها احلامه …وحبه ..وانسانيته. …وككل ليلة….سقطت يده بجانب الجسد الواهن…وتدحرجت الكأس ….ساكبة معها …كل معني جميل اذابه بداخلها…..وسالت ادمع الكأس انهارا.