توقف قطار تنمية ولاية القضارف لدى بيروقراطية التعقيدات الإدارية…!!
تقرير: عبد القادر جاز
ظلت القضارف على مدى عقود من الزمان تعاني من أزمة حادة في مياه الشرب بالرغم من أنها ذات خصوصية زراعية، وإمكانيات هائلة تساعدها في معالجة كافة أزماتها المستفحلة على مدى عمر الحكومات المتعاقبة، إلى ماذا ترجع تعقيدات هذا الملف وبشريات الحل التي طال انتظارها؟ باعتقادك أن العقلية الإدارية هي أس الأزمة أم السياسيون لهم يد في ذلك ؟
وكيف نقرأ عبارة (حزبنا الموية) التي أطلقها والي القضارف الحالي ؟
المسئولية المجتمعية واحدة من الحلول الممكنة لمعالجة الإشكاليات التي تواجه بعض محاور التنمية خاصة المتمثلة في التعليم والصحة والمياه والطرق، من واقع المجتمعات المستضيفة لنشاط التعدين واللاجئين ما الآليات التي استخدمت لتوظيف هذه المسئولية على واقع تلك المجتمعات؟
ملف الحدود مع إثيوبيا أوشك الطرفان على طيه. ما هي الدلالات والمؤشرات التي تتوقعها في ظل هذه الظروف والمتغيرات التي طرأت على المستوى القومي والإقليمي والدولي؟
المنافسة الضارة:
أكد الأستاذ علاء الدين عبد الرحيم إدريس رئيس حركة حق بولاية القضارف أن حل مشكلة مياه القضارف في كيفية إيجاد العقلية الإدارية الناجحة وغير الفاسدة التي تعمل بجد وشفافية عالية دون تمييز بين المواطنين، مشددا على ضرورة تمليك المعلومات الكاملة للمواطنين دون تضليل إعلامي تحقيقا للعدالة، باعتبار أن الماء حق أصيل للجميع بدون تحيز ، ودعا إلى أهمية إبعاد مشروع الحل الجذري من المنافسة السياسية الضارة، فالمياه ليست لكسب سياسي رخيص، على سبيل المثال قرى محلية وسط القضارف قدمت تضحيات كبيرة في عهد الوالي المدني السابق د.سليمان علي، منوها بأن تلك القرى جزء أصيلا من هذا الحل، وقد اكتمل المشروع بنسبة 98.8% آنذاك، موضحا أنه ما تبقى من الحل هي مراحل تنفيذية فقط، مرجحا أن السبب الأساسي مرده للضعف الإداري للوالي الحالي الذي أفشل المشروع، علاوة على صعوبة تنفيذه إلا بعد رحيله من حكم الولاية على حد تعبيره.
الكسب الرخيص:
اعتبر علاء الدين أن عبارة (حزبنا الموية) التي أطلقها الوالي الحالي هي عبارة جميلة في ظاهرها وباطلة في باطنها واستخدامها لأجل الكسب السياسي الرخيص والبقاء في الحكم، مؤكدا أن الواقع مختلف تماماً القضارف تصرخ عطشا ونحن في بداية شهر يناير في فصل الشتاء ومر عام على تعيين هذا الوالي، ولا تزال القضارف تموت عطشا ولم تشرب حتى هذه اللحظة، وأردف بقوله: أصبح تنفيذ المشروع مستحيلا ومرهقا في ظل وجود هذا الوالي الذي تسبب في حدوث أزمة حادة بينه والمواطنين، وكادت تضرب السلم الاجتماعي، ومطالبة المواطنين بإقالته بسبب عدم قدرته على التعامل مع هذا الملف.
الوعود والتهديدات:
كشف علاء الدين أن القضارف تحتل المراكز الأولى من حيث إنتاج الذهب والمعادن في السودان، ومع ذلك لم تحقق المسئولية المجتمعية من التعدين أي أثر ملموس على واقع إنسان الولاية، سواء كان في حاضرتها، أو في المحليات المستضيفة لنشاط التعدين، مرجعا ذلك لضعف الوالي والمدراء التنفيذيين نتيجة ترك شركات التعدين تتجول في القضارف دون رقابة، حيث بلغ عدد هذه الشركات أكثر من (٣٠) شركة تعمل في الذهب بالولاية، كاشفا عن أن القضارف استقبلت أكثر من عشرين منظمة أجنبية تعمل في تقديم العون الإنساني للاجئين والمجتمعات المستضيفة في عهد الحكم المدني، وسلمت البنك الدولي مسودة مفصلة بها برامج لمنحة دعم المجتمعات المستضيفة للاجئين، واعتبرها بمثابة تجديد ثقة في الحكومة المدنية بقيادة الوالي السابق د.سليمان علي لعقد الاتفاقيات مع المنظمات الدولية لتنفيذ مشروعات تنموية تعود بالنفع لمجتمع الولاية، مؤكدا أنهم ما بعد انقلاب 25 أكتوبر لم نسمع بأي أخبار لتجهيز هذه المشروعات، ولكن في كل مره نسمع تهديدات سخيفة للمنظمات، تارة من الوالي، وتارة أخرى من كرم الله عباس، وثالثة من فلول النظام السابق كلها تنصب في إطار الكسب السياسي الرخيص.
التضليل الصوري:
يرى علاء الدين أن الحكومة الحالية هي صورية مؤهلة للدخول في نزاعات وصراعات على السلطة والنفوذ وفقا لسياسة رزق اليوم باليوم، ولا تملك برامج وخطط إصلاحية واضحة لتفعيل دور المؤسسات الرقابية لأي عمل تنظيمي يؤسس لبناء دولة حديثة، مشيرا إلى أن هذا الواقع الذي لمسناه إذا كان لديهم أشياء خفية يفاجئون بها الشعب ستكشفها لنا الأيام، مبينا أن الواقع الإعلامي الولائي مضلل وصوري لا يمت للواقع بصلة، نجده متلون ويرسخ لمفهوم عدم الحديث عن سوءات الوالي ومعاناة المواطن مع الأزمات والجوع والمرض بحجة أن هذا الوالي هو متمرس وخبير وهو الصحيح في الزمن الخطأ.
إغلاق الأبواب:
قال علاء الدين إنهم يرون في حقبة الإنقاذ المظلمة تجمعات يوميا قدام بيت الوالي وأمانة الحكومة وديوان الزكاة والمحلية حيث يظلم إنسان الولاية، سقطت حكومة الإنقاذ وجاءت ثورة ديسمبر المجيدة وفتحت أبوابها للكل دوت تميز، ولفت إلى أن ثورة ديسمبر هدفها هو جعل البلد أكثر أمنا للنساء والأطفال وكل الفئات المستضعفة والبسيطة من كل أنواع وإشكال العنف، معربا عن بالغ أسفه لضعف الخدمات الاجتماعية، وإغلاق الأبواب أمام هذه الشرائح الضعيفة المغلوب على أمرها مع رجوع التجمعات من جديد يوميا أمام أمانة الحكومة، منبها أنه لازالت الثورة مشتعلة بنورها، والضوء في آخر النفق، وردد (الشوارع لا تخون والردة مستحيلة).
الوصايا:
قالت الأستاذة سحر قناوي ناشطة مجتمعية إن عبارة والي القضارف (حزبنا الموية) بأنها لم تأت من فراغ، إذ لا يزال حزب المؤتمر الوطني يعتبر نفسه وصيا على هذا المشروع الحيوي الكبير الذي ظل إنسان الولاية ينتظره كثيرا، واعتبرته واضعا للعراقيل لكي لا يكتمل هذا المشروع، مؤكدة أنه من الصعوبة بمكان أن يطبق هذا الشعار وفقا لمؤشرات الخلل والضعف في هذا الملف.
حجر عثرة:
واستطردت سحر قائلة إن المسئولية المجتمعية ليس لها أثر واضح على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، مضيفة أنه رغم المجهودات الكبيرة المتمثلة في الطرق الداخلية لمتابعة الإنتاج تقف مصادر التمويل حجر عثرة أمام تلك المشروعات التنموية، مبينة أن المجتمعات المستضيفة لا تجد حظها بما يكفل لها قانون الأمم المتحدة من جميع النواحي دون وجود جهة رقابية تطالب بحقوق تلك المجتمعات، مؤكدة أن التعدين يمثل صفرا في بند المسئولية المجتمعية تجاه المجتمعات المستضيفة للنشاط التعديني، ولفتت إلى أن ذلك ظهر جليا إثر الخلافات الحادة بين والي القضارف وإدارة التعدين المركزية.
قنابل موقوتة:
قالت سحر إن هناك رؤية لتطوير اقتصاد الولاية، ولكن ضعف التمويل والكادر كفيلان بانهيار أي رؤية مستقبلية، موضحة أن المشروعات التنموية لم تتجاوز الـ20% أو ما زالت حبيسة الأدارج، واعتبرت أن ملف الحدود مع أثيوبيا من أخطر القنابل الموقوتة في أفريقيا، مشيرة إلى أن هنالك تدخلات خارجية تمنع الوصول إلى حلول مرضية بين الطرفين في ظل هذه المتغيرات سيظل الحال كما هو، مستطردة بقولها لم يطرأ أي تغيير سياسي في البلدين خاصة أنهما يواجهان انقسامات سياسية في الداخل.
عديمة الفائدة:
وصفت سحر واقع الإعلام الولائي بالضعيف والكثير منه أصبح إعلان مأجور بعيدا من النقد البناء وعكس مشاكل الولاية الحقيقية في مجالات التنمية، معتبرة أن أمانة الحكومة أضعفت المؤسسات الخدمية والمجتمعية لأنها أصبحت الوصي الوحيد على المجتمعات، وأضحى مركزا لمتردي التسول والاحتيال، مضيفة أن المؤسسات المختصة بدراسة هذه الحالات بكل إداراتها عديمة الفائدة والتي ناب عنا فقط قلم مدير مكتب الوالي.
ثوب التوشح:
أوضحت سحر أن بوادر الحسد المجتمعي لم تكن موجودة بل ستكون أكثر وضوحا عقب إعلان زيارة حميدتي لولاية القضارف، إذ ظهرت خلافات بين الوالي ومك البوادرة في من يستقبله وتمسك الحشد بمشكلة المياه، والمطالبة بإقالة الوالي مقابل وفد يؤيد الوالي متوشحا بثوب شعار السلم المجتمعي والخاسر في هذه اللعبة فهو إنسان الولاية.
الفشل الذريع:
أكد الأستاذ بخيت عبد الله بخيت صحفي أن حكومة القضاف فشلت فشلا زريعا لفي إضافة أي عمل حقيقي ملموس على واقع مواطن الولاية، وقال خير دليل على ذلك مشروع المياه الذي وعدت الحكومة بحله، ولم ينته حتى اليوم، ولم تشهد الطرق أي تحسن بل ازدادت سوء أكثر من ذي قبل، وتدرك حكومة الولاية أثر ذلك على كافة الخدمات، وأضاف أن فشل الموسم الزراعي ناتج عن تأخير التمويل وضعف متابعة الجهات المختصة لهذا الملف، مستطردا أن زيادة الضرائب والتحصيل الذي فرضته الحكومة لم يجن منه المواطن أي شيء، مؤكدا أن حكومة الولاية لم توف بدفع جزء كبير من متأخرات العاملين، فصرفت على أشياء غير هادفة، وتركت ملفات التنمية حبيسة الأدارج، مشيرا إلى ضعف الجهاز التنفيذي في مجابهة سياسات المركز خاصة وزارة المالية الاتحادية، والشركة السودانية للمعادن في كيفية الحصول على أموال المسؤولية المجتمعية.
ضعف الميزانيات:
قال بخيت إن العلاقات الأثيوبية في ظل الحرب الأخيرة شبه مجمدة، والتعامل عبر المعبر ضعيف في الفترة الراهنة، مبينا أن الإعلام يجد قليل من الاهتمام، والميزانيات الموضوعة ضعيفة لمقابلة تنفيذ الأدوار والمهام المنوط به تأديتها، أردف بقوله:للأسف الوالي انتهج سياسة خاطئة بإفراغ المواعين الاجتماعية وإنهاك خزينة الولاية في مشاريع تنموية لا تعود بالفائدة للمصلحة العامة، معترفا بأن المشهد المعقد في السودان عموما أدى لظهور هذه الحشود على أساس جهوي وقبلي، ودعا إلى ضرورة توخي الحذر من التفلتات الأمنية التي تنتج عنها مشاكل عديدة.