بورتسودان _عبدالسميع العمراني
الصور المتداولة عن اسراب الذباب الكثيفة وهي تغطي سطح دقيق المخابز المعجون في مراحله الأخيرة من الاعداد بأحد أفران مدينة بورتسودان كانت بحق صور بيئية صادمة بل هي فضيحة لنا جميعا كونها صادرة من عاصمة البلاد الان وقبلتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ، فهي تشير بوضوح إلى أزمة بيئية عميقة وكبيرة تضرب المدينة الأكبر الان بالسودان بل هي العاصمة البديلة في ظل الحرب، فالكل يعلم أن بورتسودان قد اختيرت لاعتبارات كثيرة لتكون الملجأ للقيادة السياسية للبلاد وكذلك البديل الأمن البعثات الدبلوماسية والتي فضلت البقاء بالسودان فاتخذت من ثغر السودان مقرا لبعثاتها الدبلوماسية، اذن بورتسودان الان لم تكن هي بورتسودان قبل الخامس عشر من ابريل الماضي فهي تعج الان بإعداد مهولة من اهل السياسة والمال والدبلوماسييين والمنظمات الدولية ، بيد ان السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لاتعود بورتسودان درة العواصم السودانية وثغرها الباسم بالبحر الأحمر كما كانت قبل حوالي عقدين من الزمان حينما اعتلي المهندس محمد طاهر ايلا سدة الحكم واليا للولاية الشرقية، فقد حول ايلا بورتسودان من مدينة الذباب والباعوض والطرق المهترئة الي انظف وأفضل العواصم بالسودان بل نافست بورتسودان في العام ٢٠٠٧م على جائزة انظف العواصم العربية ، ومنذ رحيل ايلا بدأ التدهور ينتشر في كل مكان في بورتسودان حتى وصل الحضيض في عهد حكومة حمدوك سلك وظلت بورتسودان منذ أكثر من خمسة أعوام خلت تعاني من شح المياه وانقطاع الكهرباء وعودة جيوش الذباب والباعوض مرة أخرى بكثافة وكانها تؤكد انتصارها وتبخترها على من حاول القضاء عليها سابقا، ولكنها عادت بنشوة بمساعدة من أصحاب الكفاءات الضعيفة او قل من هم ليسوا نظيفين في أنفسهم من بعض مسئولي الحكم المحلي والصحة بالولاية فهؤلاء لا نعتقد انهم جديرون بالبقاء على رأس الصحة والبيئة في عاصمة السودان الحالية، فكيف يعجزون عن مكافحة يرقات الذباب الموجودة في بعض المجاري الراكدة بالأحياء وبعض احواض القمامة واقول هذه المعلومة عن اليرقات وبيض الذباب فهي قد ملكني لها احد خبراء الصحة إذ ذكر لي ان الذباب الطائر في الهواء يعيش ثلاثة أيام فقط ولكن المشكلة هي في البيض واليرقات، فان تم رش أماكن تواجد البيض واليرقات عبر حملات ميدانية بالأحياء والطرقات فان الذباب يكاد ان ينتهي او يختفي بصورة نهائية ، وقد نقلت بعض الصحف ووسائل الاعلام المختلفة ان حملات رش جوية قد بدأت في بورتسودان لمكافحة الذباب والباعوض ولكن بحسب ما أشار لي محدثي خبير الصحة ابراهيم حسن بدوي احد خبراء البيئة الشباب بالشرق، قال لي ان حملات الرش الجوية هي عبارة عن مسكنات فقط وقد تقضي على الذباب الطائر وتظل اليرقات المنتجة او المولدة لجيوش الذباب موجودة وتفقس اعداد كثيفة من الذباب بعد أيام لذلك تعود اسراب الذباب بعد اقل من اسبوع من حملات الرش مجددا للتحليق في مخابز ومطاعم ومنازل ومكاتب الحكومة في بورتسودان ، ولعل العلاج الأفضل هو حملات رش ميدانية تنفذها فرق الصحة بمعاونة شباب الكشافة واي متطوعين من الشباب من الجنسين والحكاية لا نعتقد انها صعبة جدا، وليست مرهقة خالص للسيد وزير المالية الاتحادي ومدير عام المالية البورتسوداني وهي تكلفة مؤتمر صحفي او ورشة عمل عن تنمية الإيرادات او استراتيجية إدارة المال العام