ردود أفعال واسعة حول حركة تنقلات المعلمين في التعليم الفني عبر الاستشارية، وهي واحدة من العناصر الأساسية التي تساهم في خلق توازنات لسد النقص والثقرات في العملية التعليمية تجويدا للأداء وارتقاء بها إلى مستويات متقدمة، من هذا المبدأ يرى بعض التربويين والمختصين أن الاستشارية أحدثت شرخا كبيرا في مجال التعليم الفني من واقع أن كشف التنقلات شمل أعدادا كبيرة مقارنة بالعدد الكلي، مما ينعكس سلبا على تدني التعليم، وتجفيف بعض الأقسام المهنية على حد تعبيرهم.
*ظروف معلومة:*
أكد الأستاذ بشرى إبراهيم آدم عبد الرحمن رئيس قسم السيارات بالمدرسة الصناعية سابقا أنه تم نقله إلى مدرسة الصناعية بالمدينة “1” بالرغم من أن لدية ظروف صحية معلومة لجهة الاختصاص، وإرفاق المستند الطبي الذي يؤكد ذلك، مضيفا من وجهة نظري يرجع النقل إلى الحديث عن المواد الخام للعام 2021م التي لم يستفيد منها الطلاب، بحضور مدير عام الوزارة ومدير الموارد البشرية، مؤكدا أنه تم ابعادة من لجنة شراء المواد الخام لهذا العام بالرغم من أنه رئيس لهذه الشعبة، أردف قائلا إنه تفاجأه بنقله، ومعتبرا أن التعليم مهنة عملية رسالية وتكامل أدوار ما بين كافة المؤسسات التعليمية ومستولية أمام الله تعالي قبل البشر، وشدد على ضرورة إبعاد تصفية الحسابات الشخصية بعيدا عن العملية التعليمية التي تؤثر على مستقبل الأجيال.
*التجفيف وتصفية الحسابات:*
أوضح الأستاذ لقمان طه الجزولي رئيس قسم التبريد والتكييف بالمعهد الحرفي سابقا أن هذا القسم تم إنشاؤه في العام 2006م بالمعهد الحرفي، باعتبار أن هذا المعهد أنشئ بمجهودات فردية بالتعاون مع إدارة اللاجئين والأوزون باستجلاب عدد من المعينات والأدوات التي ساهمت في تطوير المعهد الأول على مستوى القطاع الشرقي، واعتبر أن هذا القسم رائد في التعليم التقني، وخرج عددا من الطلاب وهم حاليا في مواقع العمل على مستوى المؤسسات الحكومية والشركات، منوها أن القسم تم إنشاؤه بمجهودات كبيرة استغرقت وقتا طويلا حتى وقوف على قدميه ليصبح قسما متكاملا للقيام بالأدوار المنوطة به تجاه الطلاب، مرجحا أنه ما ورد من وسائل الإعلام بنزاهة الاستشارية وجودتها، للأسف حدث عكس ما توقعنا، على سبيل المثال: أستاذ بقسم التبريد والتكييف يتم نقله من المعهد الحرفي إلى مدرسة دوكة التجارية بدون أي مبرر ، متسائلا كيف يتثني له يدرس مادة التبريد والتكييف في مدرسة تجارية أيعقل ذلك؟ ووصف هذا الكلام بأنه أقرب إلى الخيال ويؤسف له كتصرفات غير محمودة سيقود إلى تجفيف القسم تماما، متسائلا عن معلم المعهد الحرفي الذي تم نقله إلى مركز التدريب المهني، هل هذا المركز يتبع لوزارة التربية أم لوزارة المالية على حد قوله، مطالبا بضرورة الإجابة عن تنقلات جميع معلمي قسم التبريد والتكييف في ظل طلاب ممتحنين للشهادة السودانية وطلاب جدد مقبلين على هذا القسم، معتبرا أن هذه كارثة وسابقة خطيرة لتدمير البني التحتية للتعليم الفني بطريقة ممنهجة ومقصودة، ولفت إلى أنه من المؤسف أن يحدث ذلك على مرأى ومسمع من المسئولين على المستوى الولائي والقومي، دعا إلى ضرورة وضع النظر في الاعتبار لمثل هذه الإشكاليات التي تترتب عليها أثار سالبة على الطلاب وأولياء الأمور، ووصف هذا النقل بأن فيه تشفي وتصفية حسابات يعود سببه للمناقشة عن المواد الخام للعام السابق، وطرحت هذه المسالة للسيد مدير عام وزارة التربية، معربا عن بالغ أسفه الشديد لما وصلت إليه وزارة التربية من مراحل متدنية، هذا ليس خصما على المعلم بل خصما على الطلاب وأولياء الأمور، مشيرا إلى أن هذا دمار للتعليم الفني باعتبار أن الكوادر تحسب بأصابع اليد الواحدة.
*خطوة نحو التغيير:*
أكد الأستاذ عبد الوهاب إبراهيم عوض مدير عام وزارة التربية والتوجيه بولاية القضارف أن الاستشارية فيها توافق نوعا ما في المجال الأكاديمي بنسبة 90% نتيجة لما حدث، مقارنة بالخلل الذي تقدر نسبة بحوالى 10% في مجال التعليم الفني، قائلا إن المساق الأكاديمي يمثل نسبة 90% من إنجازات الاستشارية التي تخطو بثبات لسد النقص والثقرات على مستوى المؤسسات التعليمية، وأردف قائلا: إن الكشف الذي شمل (35) معلما ولم يتم تحريكهم خلال (30) عاما مضت، واصفا الخطوة بأنها اتجاه نحو التغيير الذي سيكون له مردود إيجابي على مستوى التعليم الفني في المرحلة المقبلة، مبينا أن بعض الزملاء يعتقدون بوجود إشكاليات في التعليم الفني منذ العام 2010م، ونفى وجود تصفية حسابات في العملية التعليمية، مرجحا أن ذلك ناتج عن النقل، أو التحريك الذي يعتقده البعض تشفي وتصفية حسابات، مضيفا أنه منذ توليه الوزارة وجد أن بالتعليم الفني إشكاليات إدارية صاحبتها جملة من التجاذبات والخلافات المتراكمة التي أدت إلى تغيير عدد ثلاثة مدراء لإدارة التعليم الفني، وتم ترشيحهم بالإجماع مشيرا إلى أن عملية الاختيار تمت عن طريق المعلمين بأنفسهم رغما عن أن هذا ليس من حقهم لكننا أتحنا لهم الفرصة، وأضاف قائلا أي مدير حاول ترتيب وتنظيم دولاب العمل (قلبوا عليه الطاولة)، مشيرا في هذا الخصوص إلى المراجعة التي تمت بعملية الاختيار وفقا للأقدمية والخبرات والتجارب ووقع الاختيار على الأستاذ أحمد عباس الذي في عهده استطاع أن يخلق توازنا في إدارة التعليم الفني.
*ردة فعل:*
كشف عبد الوهاب أن الخلافات والإشكاليات تكمن في توجيه التهم لبعض الزملاء في المسائل المالية، وهذا قادنا إلى عقد اجتماع بالمدرسة الصناعية لكل معلمي التعليم الفني لتصويب مثل هذه المسائل، مشيرا إلى أن الاجتماع تطرق لفحوى الشكوى التي قدمت، بدورنا أتحنا الفرصة للمتهم للرد، وقد رد على كل النقاط المثارة بالشكوى، مستغربا حضور كل الأطراف إلا أننا لم نتلقى ردة فعل، قائلا على ضوء ذلك تم الإصلاح ما بين الأطراف، وتوجيه الكل إذا حدث أي تصرف فيه شبهة فساد عليه فتح بلاغ قبل إخطار المدير العام، مؤكدا أن عملية النقل مهمة وضرورية لأي كادر مكث أكثر من خمس سنوات، وهذا قرار والي، متسائلا لماذا عندما يتم نقل الذين قضوا فترة طويلة يفسر ذلك بتصفية حسابات؟
*عاري من الصحة:*
أكد عبد الوهاب أن الحديث عن تجفيف قسم التبريد والتكييف بالمعهد الحرفي عار من الصحة بدليل أنه أجريت عملية إبدال بتحريك من المعهد الحرفي إلى التدريب المهني والعكس، ويرى عبد الوهاب بخصوص نقل رئيس قسم التبريد والتكييف من المعهد الحرفي إلى مدرسة التجارية دوكة أن ذلك نتيجة طبيعية للفترة التي قضاها لأكثر من (10) سنوات، ومؤهله الأكاديمي في التخصص التجاري الذي بدوره تم ترفيعه من الدرجة العمالية حتى وصل إلى الدرجة الخامسة، مستطردا تمت عملية تعيين هذا المعلم بناء على شهادة دبلوم ثلاثة أشهر من مركز الشباب، وبدوره طور نفسه حتى حصل على شهادة البكلاريوس في المجال التجاري، معتبرا أن هذا مجهودا مقدرا يدعم تطوير العملية التعليمية، وقال من المؤسف أن يتم سحب شهادة البكلاريوس من الملف، وعليه إرجاعها لاكتمال الملف، متسائلا هل دبلوم ثلاثة شهور يؤهل الكادر للوصول إلى الدرجة الخامسة؟
*توسيع دائرة الانتشار:*
قال عبد الوهاب نقدر الظروف الصحية لأي معلم وبالضرورة الذي تم نقله عليه التنفيذ لمزاولة المهنة، وبعد إحضار المستند الطبي ستتم المعالجة، مؤكدا أن من أولويات المرحلة توسيع دائرة الانتشار لقسم التبريد والتكييف على مستوى مؤسسات التعليم الفني، وجدد التزامهم التام بسد النقص في التخصصات النادرة، بفتح فرص تعيين لعدد (43) وظيفة لمؤهلي البكلاريوس والدبلوم والشهادة السودانية في مجالات التعليم الفني، موضحا أن شكل العلاقة مع التدريب المهني أقرب إلى التوأمة بتبعيته لوزارة المالية إداريا، وفنيا يتبع لوزارة التربية والتوجيه، مضيفا على العموم أن ما حدث في الاستشارية تغيير عادي من أجل تجديد الروح للاستفادة من الخبرات والتجارب.