التكييف القانوني الدولي في حال قصـ ف المدنيين وقصـ ف الأحياء السكنية والأعيان المدنية
محمد جلال أحمد هاشم
كمبالا – 22 أغسطس 2024م
ـ لا يوجد إنسان سليم العقل والفؤاد يمكنه أن يبارك قصف أي موقع مدني غير عسكري. هذا من حيث التكييف الأخلاقي الإنساني الفطري. وعليه، لا يملك المرء إلا أن يتعاطف مع جميع المدنيين الذين يتعرضون في اشخاصهم وممتلكاتهم لأي عمليات تدوين أو قصف جوي، أكلن ذلك في دارفور أو كردفان أو الجزيرة أو سنار أو الخرطوم الكبرى.
★★★
هذا من حيث التكييف الإنساني والحس الفطري السليم! أما من حيث التكييف القانوني، ذلك بحسب بروتوكول روما وقانون جنيف المتعلقين بكيفية التعامل مع الأحياء السكنية والمناطق غير العسكرية في زمن الحرب، فالأمر له وجوه أخرى من قبيل:
*أي أشخاص مدنيين أو مكان من هذه الأمكنة المدنية توجد به قوات أو معدات عسكرية حربية، فإنها بذلك تصبح هدفا عسكريا*.
★★★
وكان الاخ المهندس محمد وداعة قد أورد من قبل مواد هذه القوانين، ونحن بدورنا نوردها بتصرف أدناه.
★★★
وعليه، يبقى السؤال هو:
1) هل هذه فعلا مناطق ومواقع مدنية غير عسكرية وغير حربية؟
2) هل يوجد بها مقاتلون من مليشيات الجنجويد أم لا؟
3) هل توجد بها معدات عسكرية حربية أم لا؟
4) في حال كانت الإجابة “نعم”، فإن هذه الأماكن، وبحسب القانون الدولي المنظم لمثل هذه الحالات، تصبح هدفا عسكريا، برغم استصحاب كل الأسف لما يمكن أن يحيق بالمدنيين وبالأعيان المدنية.
5) أما في حال كانت الإجابة “لا”، عندها ينهض السؤال عما إذا كان قد تم استهدافها عن عمد أم عن خطأ (جراء تحويل القصف دون أهدافه عن طريق تقنية التشويش)، أم أنها كانت بمثابة أضرار جانبية صاحبت ضرب أهداف عسكرية بعينها، مع كامل الأسف لهذه الأضرار وإصابات المدنيين؟
6) فإذا ثبت أنها مناطق مدنية بحتة وقد قُصفت عن عمد، عندها لا محال بخلاف تسجيل الإدانة غير المتَحفَّظ عليها، مع تدبيج كل أشكال الشجب والاستنكار، مع الدعوة لمحاسبة الجهة المسئولة عن هذه الجريمة.
★★★
وعليه:
أولا، هذه هي منهجية التكييف القانوني الدولي للتعامل مع مثل هذه الحالات. وهو ما ينبغي العمل بموجبه قبل تدبيج عبارات الرفض والاستنكار والإدانة.
ثانيا، كل هذا لا علاقة له بما تفعله مليشيات الجنجويد المجرمة من استهداف مقصود في ذاته للمدنيين ولأحيائهم السكنية ولجميع الأعيان المدنية من مراكز إيواء ومستشفيات. بل حتى إن الأمر قد بلغ درجة التأكيد عبر الفيديوهات والإفصاح عن هذا الأمر بوصفه خطة جنجويدية مقصودة في ذاتها. دع عنك احتلال مليشيات الجنجويد المجرمة لمنازل المواطنين وطردهم والتنكيل بهم وسرقتهم، ثم انتهاك أعراضهم، أكان هؤلاء المواطنون المدنيون العزل يعيشون في المدن أم في القرى التي ليست بها قوات شرطة، دع عنك القوات المسلحة.
*MJH*
كمبالا – 22 أغسطس 2024م
&&&
*مقتطفات من مقال الأستاذ محمد وداعة “عرمان .. صحوة ضمير أم دعاية وتضليل؟” (16 ديسمبر 2023م)*
‘القانون الدولى الإنساني مقروءا مع اتفاقية جنيف لحماية المدنيين أثناء الحرب، مقروءا مع البروتوكول الإضافي الإنساني، التي جميعا تحكم الاستخدام الشرعي للقوة في الصراعات المسلحة وكيف يرتبط ذلك بالأضرار الجانبية، حيث وضعت منظمة العفو الدولية معايير تم توصيفها بدقة وهي معايير “الضرورة العسكرية”؛ “التمييز و التناسب”. هذه المعايير حظرت “… شن هجوم يتوقع منه ان يؤدى الى خسائر فى الارواح المدنية و/أو إلحاق أضرار بالأعيان المدنية تكون مفرطة بالنسبة للمنفعة العسكرية المتوقعة”.
★★★
هذه المعايير تم استخدامها على نطاق واسع فى حرب كوسوفو وفى حرب الخليج الثانية، ونشرت تقارير تحققت من هذه المعايير لتحديد عما اذا تم تجاوزها فى حرب اليمن بواسطة طيران التحالف العربى وتسببه فى سقوط مدنيين أم لا. ونشرت لجان دولية أن سقوط المدنيين فى حفل زواج فى صنعاء لم يكن متعمدا (ترجيح أنه هدف عسكرى)؛ وحالة أخرى لسقوط مدنيين كان فى صعدة، اقتضته الأفضلية العسكرية ….”
★★★
‘تقصّى لويس مورينو أوكامبو، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، الادعاءات بشأن وقوع جرائم حرب خلال غزو العراق 2003، ونشر تقريراً مفتوحًا (متاحا) يحتوي على هذه النتائج. يوضح أحد الأقسام فيه بعنوان “الادعاءات بشأن جرائم الحرب” استخدام الضرورة العسكرية والتمييز والتناسب، جاء فيه: “تحت مظلة القانون الدولي الإنساني ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لا تمثل وفاة المدنيين في حد ذاتها خلال الصراع المسلح، بغض النظر عن مدى بشاعته ومدعاته للأسف، جريمة حرب، إذ يسمح القانون الدولي الإنساني ونظام روما للمحاربين بشن هجمات متكافئة ضد الأهداف الحربية، حتى عندما يكون معروفًا أن بعض الوفيات أو الإصابات سوف تحدث في صفوف المدنيين”. فالجريمة تحدث إذا كان هناك هجوم متعمد موجه ضد المدنيين (مبدأ التمييز)”. واستشهد في قوله هذا بالمواد: 8، (2)، (ب)، (1). ويواصل أوكامبو قائلا بأن الهجوم العسكري يشكل جريمة في حال كونه: “… هجومًا على هدف عسكري بمعرفة أن الإصابات العرضية Collateral Damages للمدنيين ستكون متجاوزة بوضوح للأفضلية العسكرية المتوقعة (مبدأ التناسب)”، مستشهدا في هذا بالمواد: 8، (2)، (ب)، (4).
★★★
ثم يقول:
“تجرم المواد: 8، (2)، (ب)، (4) شن الهجمات عن عمد مع معرفة أن تلك الهجمة سوف تتسبب في خسائر عرضية في الأرواح، أو إصابات للمدنيين، أو إتلاف الأهداف المدنية، أو نشر الضرر الخطير، أو طويل الأمد للبيئة الطبيعية، بما يتخطى الأفضلية العسكرية المادية والإجمالية المتوقعة”. وترسم المواد: 8، (2)، (ب)، (4) المبادئ الموجودة في المادة 51، (5)، (ب) في البروتوكول الأول لعام1977 الذي أضيف إلى اتفاقيات جنيف لعام 1949، ولكنه يقيد الحظر الجنائي على الحالات التي تكون متخطية بدرجة من الوضوح تتطلب تطبيق المواد: 8، (2)، (ب)، (4)”‘.
&&&
أدناه نماذج باعترافات قيادات مليشيات الجنجويد المجرمة لاستقصادها استهداف المدنيين وتعمدها نشر وتوسيع دائرة الحرب!