أقدم أسرار إفريقيا.. أكبر موقع للأهرامات في العالم ليس في مصر
متابعة ـ آخر خبر
ـ بينما تُعد أهرامات الجيزة آخر عجائب الدنيا القديمة ومحط اهتمام عالمي، تتكشف أسرار أخرى في القارة الأفريقية، وتحديدًا في السودان، الذي يضم أكبر عدد من الأهرامات في العالم، متفوقًا على نظيرتها المصرية في العدد، ولكنها تفتقر إلى الشهرة والاهتمام ذاته.
ووفقًا لليونسكو والمسوحات الأثرية الحديثة، يضم السودان أكثر من 220 هرمًا، يتركز معظمها حول مدينة مروي القديمة، التي كانت المقبرة الملكية لمملكة كوش.
في المقابل، تضم مصر حوالي 118 هرمًا.
تُعد أهرامات السودان شاهدًا على مملكة كوش، وهي إمبراطورية أفريقية قديمة ازدهرت بين عامي 800 قبل الميلاد و350 ميلادية في النوبة، وامتدت جنوب مصر وشمال السودان.
لم يقتصر الكوشيون على تقليد جيرانهم الشماليين في بناء الأهرامات، بل قاموا بغزوهم أيضًا.
خلال عهد الأسرة المصرية الخامسة والعشرين (حوالي 712-664 قبل الميلاد)، حكم ملوك كوش مصر.
وقد غزا أحد هؤلاء الحكام، ويدعى بيا، مصر حوالي عام 770 قبل الميلاد، وأمر ببناء هرم لنفسه في الكرو، وهي مقـ برة في النوبة، مستوحىً من المقـ ـابر المصرية القديمة.
شكل هذا بداية تقليد فريد في بناء الأهرامات استمر لقرون في المنطقة.
المدينة المهجورة وأهرامات مروي: يقع العديد من هذه الأهرامات الكوشية في مروي، وهي مدينة مهجورة حاليًا بالقرب من الخرطوم، والتي أصبحت مركزًا للقوة الكوشية بعد انسحاب الأسرة من مصر.
حدد علماء الآثار ما يقرب من 200 هرم في مروي، غالبًا ما بُنيت في مجموعات متقاربة، وتتميز بجوانب شديدة الانحدار وقمم مدببة، مما يختلف أسلوبيًا عن أهرامات الجيزة العريضة ذات الزوايا المنخفضة.
وعلى الرغم من صغر حجمها (يتراوح ارتفاعها عادة بين 6 و30 مترًا)، كانت الأهرامات المروية مقابر ملكية للملوك والملكات والنبلاء، وغالبًا ما كانت مصحوبة بمصليات مزخرفة بشكل غني وسلع دفن مخصصة للحياة الآخرة.
كنز ثقافي غير معروف: على الرغم من ثقلها التاريخي، تظل أهرامات السودان غير معروفة إلى حد كبير وأقل زيارة.
لم يكن غموضها النسبي مصادفة، فقد تضرر أو دُمّر العديد منها في القرن التاسع عشر على يد صائدي الكنوز، وأشهرهم جوزيبي فيرليني، المغامر الإيطالي الذي استخدم الديناميت لتفجير عدة أهرامات في ثلاثينيات القرن التاسع عشر بهدف الحصول على الذهب.
يقول الدكتور صلاح محمد أحمد، مدير الآثار في الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالسودان: “ألحقت أفعال فيرليني أضرارًا جسيمة بالهياكل الأثرية.
دُمّرت بعض الأهرامات تمامًا، وما تبقى منها اليوم ليس إلا جزءًا ضئيلًا”.
التباين بين أهرامات السودان ومصر: إن التباين بين أهرامات السودان ومصر لا يقتصر على الحجم أو الشهرة فحسب، بل يتعلق بكيفية سرد التاريخ، وبمن تُروى قصصه.
فبينما تُحتفى بالأهرامات المصرية كعجائب هندسية ورموز للقوة القديمة، تظل أهرامات كوش إنجازًا أفريقيًا غير معترف به إلى حد كبير.
يقول الدكتور ديفيد لايتبودي، عالم المصريات والأستاذ المساعد في جامعة فيرمونت: “الهندسة المعمارية مختلفة، لكن الرسالة واحدة.
كان الكوشيون يؤكدون شرعيتهم وقوتهم واستمراريتهم. لقد حكموا إمبراطورية، وتعكس أهراماتهم ذلك”.
على قائمة التراث العالمي: في عام 2011، صنّفت اليونسكو مواقع مروي الأثرية كموقع للتراث العالمي، مُقرّةً بأهميتها الثقافية ومُثيرة بعض الاهتمام الدولي.
ومع ذلك، لا تزال جهود تثبيت وترميم هذه الهياكل تعاني من نقص التمويل وبطء التنفيذ، وكثيرًا ما يُشير علماء الآثار العاملون في الموقع إلى نقص موارد الحفظ والعوائق اللوجستية.
