قمة بغداد… نحو رؤية عربية للشرق الأوسط في عالم متغير
✍️ بقلم ـ رمزي عز الدين رمزي
ـ يبدو أن النظام الدولي، الذي يعيش مرحلة انتقالية منذ نهاية الحرب الباردة، يسير نحو أحد مسارين: إما التعددية القطبية التي تحظى بتأييد غالبية دول العالم، وإما نظام قائم على مناطق نفوذ تقودها الولايات المتحدة والصين وروسيا، في حال تحقق ما يسعى إليه الرئيس دونالد ترمب.
♦️على الصعيد الإقليمي، يشهد الوضع تطورات متعددة دون مسار واضح للمستقبل. ثمة مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية، ويصعب في هذه المرحلة استخلاص نتيجة نهائية.
المؤكد أن غياب دور عربي جماعي وفعّال سيجعل مصير الشرق الأوسط رهنا بإسـ رائيل و إيران و تركيا.
♦️في الجانب الإيجابي، شهدت العلاقات بين الدول العربية من جهة، وكل من إيران و تركيا من جهة أخرى، تحسنا ملحوظا.
ولا تزال احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تبعث على الأمل. أما الوضع في كل من لبنان و سوريا، وبعد فترات طويلة من عدم الاستقرار، فيدعو إلى
تفاؤل حذر.
♦️لكن هذه التطورات الإيجابية تقابلها تحديات خطيرة ناجمة في الغالب عن السياسات الإسـ رائيلية.
فالممارسات الإسـ رائيلية تجاه الفلسـ طينيين، سواء في غزة أو الضفة الغربية، تُعقّد فرص التوصل إلى حل للصراع الفلسـ طيني-الإسـ رائيلي أكثر من أي وقت مضى. كما تُقوض السياسات الإسـ رائيلية في لبنان وسوريا فرص الاستقرار في البلدين.
♦️يُثير احتمال نشوب مواجهة بين إسـ رائيل و إيـ ران مخاوف من اتساع رقعة عدم الاستقرار على مستوى الإقليم بأكمله.
والمقلق أكثر أن هذه التطورات تتزامن مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي عزمه إعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة بما يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل.
♦️لا يزال الوضع في ليبيا و السودان و اليمن يبعث على قلق بالغ.
غير أن أيا من هذه الأزمات لا يُشكّل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي العام في الشرق الأوسط، إذ تبقى في مجملها أزمات محلية لا تُنذر باشتعال صراع عسكري إقليمي شامل.
♦️في ظل هذه المعطيات، لا يمكن للدول العربية أن تقف موقف المتفرج.
عليها أن ترتقي إلى مستوى الحدث، وأن تضطلع بدور فاعل في رسم مستقبل الشرق الأوسط، والمساهمة في الوقت ذاته في الجهود الرامية إلى إعادة تشكيل النظام الدولي بما يضمن تطوره نحو التعددية القطبية.
♦️ورغم أن الدول العربية لا تزال عرضة لتهديدات أمنية فعلية ومحتملة من جهات متعددة وعلى مستويات مختلفة مقارنة بالماضي، فإن العالم العربي اليوم في موقع أفضل، ليس فقط للتعامل بفعالية مع هذه التهديدات، بل يمتلك أيضا قدرة أكبر على التأثير
في مستقبل المنطقة.
♦️تتمتع الدول العربية اليوم، ككتلة، بعلاقات متوازنة مع جميع القوى الكبرى: الولايات المتحدة، الصين، روسيا، و الاتحاد الأوروبي.
كما أن عددا منها يشارك في تكتلات دولية مؤثرة تسهم بشكل ملموس في صياغة النظام العالمي.
♦️وتشارك عدة دول عربية في جهود الوساطة لحل الأزمات الإقليمية والدولية، في دلالة على نفوذ عربي متنام على الساحة العالمية.
♦️يجب أن لا تقتصر قمة بغداد على التعامل مع الأزمات الراهنة التي تلقي بظلالها على الشرق الأوسط، بل عليها أن تطرح رؤية استراتيجية للسلام والأمن في المنطقة.
♦️إن التعاطي مع نزاعات المنطقة كملفات منفصلة لن يُفضي إلى سلام واستقرار حقيقيين. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال معالجتها ضمن إطار أوسع لمنظومة أمنية إقليمية.
