صراع الذهب يشتعل في الشمالية.. وقرار حكومي يثير أزمة مجتمعية
الخرطوم – آخر خبر
ـ في تطور لافت على خلفية النزاع المتصاعد حول مناطق التعدين الغنية بالذهب في شمال السودان، أصدر والي الولاية الشمالية، عبد الرحمن عبد الحميد، قرارًا إداريًا مثيرًا للجدل قضى بتبعية جبل البوم إلى محلية وادي حلفا، ما فجّر موجة من الغضب والاتهامات بإشعال فتنة مجتمعية بين مكونات محليتي وادي حلفا ودلقو.
القرار، الصادر بتاريخ 28 يوليو 2025، وجّه الجهات المعنية في الأمانة العامة للحكومة الولائية ووزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية بتنفيذه على الفور، منهياً – من جانب واحد – نزاعًا إدارياً محتدمًا بين المحليتين منذ مايو الماضي بشأن تبعية جبل البوم، الواقع في منطقة استراتيجية تُعد من أهم مواقع التعدين في السودان.
“الفتنة مقابل الفتات”
ردود الفعل جاءت حادة، إذ أصدر اتحاد أبناء المحس بيانًا غاضبًا اعتبر فيه القرار محاولة صريحة لإشعال فتنة مجتمعية، وقال:
“بعد أن فشلت قوى الظلام في إغراق المنطقة وتكرار مأساة عبود، لجأت إلى سياسة الأرض المحروقة، فأطلقت يد الباحثين عن الذهب لتلويث الأرض ونشر السموم.”
كما اتهم البيان الحكومة بتبني سياسة “فرّق تسد” من خلال تغذية الصراعات حول المناطق الغنية بالموارد، في ظل غياب التنمية الحقيقية وتجاهل مطالب المجتمعات المحلية في العدالة وتوزيع العائدات.
جبل البوم.. الثروة التي تتحول إلى لعنة
يُعد جبل البوم من أبرز مواقع الذهب في الولاية الشمالية، وتؤكد مصادر محلية أن شركات تعدين كبرى تحقق منه أرباحًا طائلة، في حين تظل المجتمعات المحيطة تعاني من نقص الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والرعاية الصحية.
ورغم أن صادرات الذهب السوداني تُقدّر بأكثر من مليار دولار سنويًا، إلا أن نصيب المجتمعات المحلية من هذه الثروة شبه معدوم، في ظل سيطرة شركات أجنبية وغياب واضح للعدالة في التوزيع.
تدهور بيئي واحتقان شعبي
تعاني المنطقة من تلوث بيئي متزايد نتيجة لاستخدام مواد سامة مثل الزئبق والسيانيد، الأمر الذي أثار غضب السكان الذين خرجوا في احتجاجات متكررة خلال السنوات الماضية، قُوبل معظمها بالقمع، وسط اتهامات للسلطات بتجاهل المطالب الشعبية بالتنمية والتعويض البيئي.
ويحذر مراقبون من أن يتسبب النزاع حول جبل البوم في تفجر صراع أهلي محلي، خاصة في ظل غياب آليات محايدة لحسم الخلافات، ورفض الحكومة الدعوات لتشكيل لجان تحقيق مستقلة تعتمد على الوقائع الجغرافية والديمغرافية، لا الحسابات السياسية.