آخر خبر
اخبارك في موعدها

القطاع الصحي في السودان: تحديات الحـ رب وجهود إعادة البناء .. تقرير

القطاع الصحي في السودان: تحديات الحـ رب وجهود إعادة البناء .. تقرير

الخرطوم، آخرخبر

– تُعد الحـ رب التي قادتها مليشـ يا الدعم السـ ريع على الشعب السوداني في الخامس عشر من أبريل 2023م، نتيجة لتمرد قائدها على القيادة، كارثية على مختلف القطاعات، حيث تعرضت جميعها للتدمير والنهب والحـ رق، وخاصة القطاع الصحي من مستشفيات ومراكز، إذ اتخذتها المليـ شيا المت،  مردة مقرات عسكرية.

وعلى إثر الهجـ وم المتعمد على تلك المؤسسات الخدمية، باتت الخدمات الصحية من أبرز القطاعات التي تضررت بشكل كبير خلال الحرب في السودان، حيث تعرضت مئات المستشفيات والمراكز الصحية للدمار الجزئي أو الكلي، مما جعل آلاف المرضى يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية الطبية الأساسية.

المستشفيات المدمرة… أرقام صادمة
تشير تقديرات وزارة الصحة الاتحادية إلى أن أكثر من 200 مرفقاً صحياً في الولايات المتضررة تعرض لأضرار متفاوتة، بينها 60 مستشفى رئيسياً تضررت بشكل شبه كامل، فيما توقفت نحو 120 مركزاً صحياً عن تقديم خدماتها بشكل كلي أو جزئي.

كما تعرضت مصانع الأدوية ومخازن الإمدادات الطبية للسرقة والنهب والتدمير.

نتيجة لذلك، وجد أكثر من 3 ملايين مريض أنفسهم بلا علاج منتظم، بما في ذلك حالات الطوارئ والأمراض المزمنة، وهو ما شكّل تحدياً كبيراً أمام الحكومة والمجتمع المدني.

تدخل الوزارة
لم تقف وزارة الصحة مكتوفة الأيدي تحت أصوات الرصاص، بل انتفضت لتجد نفسها مجبرة على تقديم الممكن والمستحيل.

فقد أطلقت الوزارة خطة عاجلة لإعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية وسد النقص في الأدوية، تضمنت إرسال فرق طبية متحركة إلى المناطق الأكثر تضرراً لتخفيف معاناة المرضى، وإعادة تجهيز نحو 50 مستشفى ومركزاً صحياً بمعدات طبية وأدوية عاجلة، إلى جانب إطلاق برامج تدريبية للعاملين الصحيين لتعويض النقص في الكوادر الطبية.

ومن أبرز إنجازات الوزارة أثناء الحرب، حسب التقرير الأخير الصادر عنها، توفير جميع الأدوية الأساسية للكلى والأورام والطوارئ، وتأمينها للولايات عبر الصندوق القومي للإمدادات الطبية بقيمة تقارب 40 مليون دولار، استعادة خدمات معظم شركات الأدوية وتقديم تسهيلات لها، مما أسهم في الوفرة الدوائية وتحقيق استيراد تجاوز 200 مليون دولار خلال عام 2024م، فضلاً عن إعادة تشغيل معظم المستشفيات في الولايات المحررة، وافتتاح خمسة مستشفيات جديدة، وأكثر من 30 قسماً متخصصاً للعناية بالأطفال حديثي الولادة والطوارئ، وتوفير أكثر من 140 عربة إسعاف جديدة للإسعاف القومي، بجانب ترفيع الخدمات التخصصية في الجراحات، وتوفير أجهزة الرنين المغناطيسي، الأشعة المرفية، والقساطر القلبية لعدد من الولايات، واحتواء الأوبئة التي ظهرت في البلاد، خاصة الكوليرا وحمى الضنك، وإدخال أكثر من 18 مليون جرعة تطعيمية، وإدخال تطعيم الملاريا لأول مرة في السودان، واستمرارية خدمات تحصين الأطفال في جميع الولايات والمحليات.

واستعاد السودان من خلال منصات الشراكة الدولية مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استقطاب الدعم، حيث تجاوز الدعم المقدم 242 مليون دولار خلال عام 2024.

دور المنظمات الإنسانية
تلعب المنظمات الإنسانية دوراً محورياً في سد فجوة الخدمات الصحية، حيث قامت منظمة الهلال الأحمر السوداني بتوزيع أدوية عاجلة ومعدات طبية لـ150 ألف شخص في الولايات المتضررة.

كما ساهم الصليب الأحمر الدولي في تجهيز 40 مركزاً صحياً متنقلاً لتقديم الرعاية الطارئة للنازحين.

وشاركت منظمات دولية مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية في توفير أكثر من 1.2 مليون عبوة دواء ومستلزمات طبية، بالتعاون مع الوزارة والمنظمات المحلية لضمان وصول المساعدات للمحتاجين، خاصة الأطفال والنساء الحوامل والمرضى المزمنين.

جهود الدول المساهمة
قدّمت عدة دول دعماً عاجلاً لتخفيف الأزمة الصحية، شمل شحنات أدوية ومعدات طبية من السعودية (مركز الملك سلمان)، مصر، الكويت، قطر، تركيا، الهند، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة.

كما دعمت برامج تدريب الطواقم الطبية المحلية في المناطق النائية، ومولت مشاريع إعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية الأكثر تضرراً.

نتائج ملموسة
بفضل هذه الجهود المشتركة، تمكنت بعض المستشفيات من استئناف العمل بنسبة 70% في المناطق التي تم تنظيفها من دنس المليشـ يا المتمـ ردة، مع وصول الخدمات الأساسية إلى أكثر من 1.5 مليون مواطن.

كما ساعدت برامج التدخل العاجل في تقليل حالات الوفيات الناتجة عن نقص الأدوية بنسبة 25% مقارنة بالفترة التي تلت الحـ رب مباشرة.

الكوادر الطبية… بين القتل والتشريد
لم تقتصر الأضرار على البنية التحتية، بل طالت الكوادر الطبية التي تعرضت للقتـ ل والتشريد، مما أثر على طاقم العمل في المؤسسات الصحية.

وقد دفع ذلك المجلس القومي للمهن الطبية والصحية إلى استيعاب كوادر جديدة، حيث أدى 850 كادراً طبياً القسم مؤخراً لنيل رخصة ممارسة المهنة، ليصل عدد الكوادر المضافة إلى نحو 2500، ساهموا في إعادة الخدمة لـ24 مستشفى و210 مراكز صحية بولاية الخرطوم.

تؤكد هذه الجهود أن إعادة الحياة للقطاع الصحي في السودان كانت مهمة صعبة، لكنها لم تكن مستحيلة. فقد تمكنت الدولة، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية والدول المساهمة، من تجاوز المراحل الحرجة، ليبقى الأمل قائماً وسط الدمار.

وقد شكلت هذه التجربة نموذجاً للتعاون الذي يمكن القطاع أن يخفف المعاناة ويعيد الثقة للمواطنين، ويؤكد أن عزيمة الإصلاح والبناء لا تخمد حتى في أصعب الظروف.

 

شاركها على
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.