بعيداً عن ضجة الذكاء الاصطناعي.. خبراء يحذّرون من ثورة تكنولوجية جديدة تهدد هيمنة نماذج اللغة الكبيرة
تقرير – آخر خبر
ـ بينما واصلت أسهم التكنولوجيا الأمريكية صعودها الحاد بدعم من النتائج القياسية لشركة «إنفيديا»، تبرز في الأفق ثورة تقنية مختلفة قد تعيد تشكيل خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية.
بعيداً عن فقاعة «النماذج اللغوية الضخمة» التي تثير مخاوف المستثمرين.
قفزة إنفيديا تُنعش الأسواق.. لكن التحذيرات تتزايد
حقق الرئيس التنفيذي لـ«إنفيديا» جنسن هوانغ حضوراً طاغياً الأسبوع الماضي بعد إعلان إيرادات قياسية للربع الثالث بلغت 57 مليار دولار، بارتفاع 62% على أساس سنوي، ما انعكس قفزة قوية في أسهم التكنولوجيا التي كانت تتراجع تحت هواجس «فقاعة الذكاء الاصطناعي».
وقال هوانغ تعليقاً على الجدل حول تضخم تقييمات القطاع:
«يكثر الحديث عن الفقاعة، لكننا نرى واقعاً مختلفاً تماماً».
يان لوكان.. الرجل الذي يعلن نهاية عصر النماذج العملاقة
في الوقت الذي احتلت فيه إنفيديا صدارة المشهد، خطف العالم الفرنسي الأميركي يان لوكان الأضواء بإعلانه الاستعداد لمغادرة منصبه ككبير علماء «ميتا» لتأسيس شركته الجديدة.
في خطوة فسّرها مراقبون بأنها مؤشر على تغيير فلسفي عميق داخل مجتمع الذكاء الاصطناعي.
فلوكان، الذي يعد أحد أبرز واضعي الأسس العلمية للذكاء الاصطناعي الحديث، يرى أن نماذج اللغة الكبيرة وصلت إلى حدودها العملية.
مؤكداً الحاجة إلى العودة إلى تطوير «النماذج العالمية» المستوحاة من طريقة تعلم البشر.
وقال لوكان:
«نماذج اللغة الكبيرة مهمة وستظل مفيدة، لكنها ليست الطريق نحو ذكاء بمستوى الذكاء البشري».
هل ينهار النموذج السائد للذكاء الاصطناعي؟
يحذر خبراء من أن اعتماد التقييمات الحالية لشركات الذكاء الاصطناعي على نموذج واحد—النماذج اللغوية الضخمة—يجعل القطاع عرضة لهزات كبيرة، خصوصاً مع ظهور اتجاهات جديدة تتحدى الفلسفة التقنية السائدة.
ويعزز هذا الخطر ما أظهرته استطلاعات حديثة من تفاوت كبير في قدرة الشركات على تحقيق مكاسب إنتاجية حقيقية من الذكاء الاصطناعي، مقارنة بتوقعات وادي السيليكون.
بدائل أرخص وأصغر.. التهديد الصيني يتقدم
إعلان شركة «ديب سيك» الصينية عن نماذج جديدة أصغر حجماً وأقل كلفة زاد القلق في الأسواق، إذ أظهرت هذه النماذج أن بناء بدائل فعّالة قد لا يحتاج إلى مليارات الدولارات ولا إلى مراكز البيانات العملاقة.
ويرى محللون أن هذا التطور قد يجعل نماذج اللغة الكبيرة سلعة قابلة للاستبدال، مما يهدد الاستثمارات الضخمة لشركات التكنولوجيا الكبرى.
ثورة الذكاء الاصطناعي الرمزي العصبي
شركة «آي بي إم» بدورها أكدت أنها تطور نظاماً جديداً يعرف بـ«الذكاء الاصطناعي الرمزي العصبي»، يجمع بين قوة الإحصاء والتعلم الآلي، وقدرات التفكير المعرفي المستوحاة من الدماغ البشري.
كما تعمل باحثة الذكاء الاصطناعي الشهيرة في في لي على نموذج عالمي جديد أطلقت عليه «الذكاء المكاني».
ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن هذه البدائل ما زالت في مراحلها المبكرة، ولا تزال تواجه تحديات كبيرة قبل القدرة على منافسة النماذج الحالية.
أسئلة صعبة تُطرح على وادي السيليكون
في حال نجاح هذه التقنيات الجديدة، يبرز سؤال جوهري:
هل ستتحول استثمارات الشركات الكبرى في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي إلى أصول عالقة لا قيمة لها؟
يرد جيف بيزوس قائلاً إن هذه «فقاعة جيدة» ستترك وراءها بنية تحتية مفيدة، لكن محللين يرون أن رقائق الذكاء الاصطناعي عمرها الافتراضي أسرع بكثير من السكك الحديدية أو كابلات الفايبر التي خلفتها فقاعات سابقة.
نقطة تحول قريبة..؟
يرجح مراقبون أن التطورات المتسارعة قد تعيد توزيع القوة داخل القطاع، وربما تكسر احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى التي تراهن على الإنفاق الضخم لتعزيز هيمنة نماذج اللغة الكبيرة.
ويشبّه البعض المشهد الحالي بمرحلة انتقالية شبيهة بانتقال «VHS» على حساب «بيتاماكس» أو تفوق «فيسبوك» على «ماي سبيس».
الخلاصة
رغم المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي قدمتها إنفيديا.
يؤكد محللو فايننشال تايمز أن على المستثمرين مراقبة الأصوات «الأقل صخباً» داخل مجتمع الذكاء الاصطناعي.
لأنها قد تكون الشرارة الأولى لثورة تكنولوجية مختلفة كلياً عن تلك التي يهيمن عليها الذكاء الاصطناعي اليوم.
فالسباق لا يزال في بدايته، والثورة الحقيقية—مهما كان شكلها—لم تبدأ بعد.
