يوسف عزت.. “باتت السياسة أداة للصراع الشخصي أكثر من كونها وسيلة لخدمة المصلحة العامة”
رصد ـ آخر خبر
تحليل الوضع الراهن في السودان ومستقبل القوات القبلية المشتركة
المقدمة :
ـ يعيش السودان مرحلة من الصراعات الحادة، حيث باتت السياسة أداة للصراع الشخصي أكثر من كونها وسيلة لخدمة المصلحة العامة.
وقد انعكس هذا الواقع على الحركات المسلحة التي ظهرت في دارفور، والتي بدأت بمطالب سياسية عادلة، لكنها سرعان ما تحولت إلى أدوات للمتاجرة بالقضايا واستغلال المجتمعات المحلية لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة.
القوات القبلية المشتركة التي تقاتل إلى جانب البرهان في الحرب الدائرة، والتي تشكلت من بقايا الفصائل المسلحة، أصبحت اليوم واحدة من أدوات الحرب المستمرة، حيث يتم توظيفها وفقًا للمصالح المتغيرة لقادتها السياسيين والعسكريين.
في هذا التحليل، سنتناول طبيعة هذه القوات، أدوارها الحالية، والمآلات المحتملة لمستقبلها.
اولا: السلوك السياسي لقادة هذه الحركات المسلحة يتسم بالتناقض الشديد، حيث ينتقلون من موقف إلى نقيضه تبعًا لحساباتهم الشخصية.
فقد قاتلوا في الماضي ضد نظام الجبهة الإسلامية الحاكم، لكنهم أصبحوا جزءًا من تحالفات تسعى للحفاظ على سلطتها بأي ثمن.
أمثلة على التحولات السياسية لقادة القوات المشتركة
•مني أركو مناوي: بعد استشهاد عبد الله أبكر، تولى مهامه في حركة تحرير السودان حيث كان هو سكرتيره الخاص، ثم سرعان ما انشق عن الحركة ليؤسس فصيلًا خاصًا به.
توقيعه على اتفاقية أبوجا منفردا ودخوله القصر الجمهوري مساعدًا للرئيس آنذاك، أدى إلى انقسامات داخل الحركة حيث يرى الكثير من القادة ان القصر الذي دخله أمثال مني أركو مناوي ، يمكن ان يدخله اي راعي غنم في صحراء شمال دارفور.
واليوم، عاد مني أركو ليقاتل مجددًا، ولكن ليس من أجل ذات القضية التي بدأ بها، بل لصالح أجندات تخدم مصالحه ومصالح مراكز النفوذ الزائلة.
•جبريل إبراهيم: بعد توقيع اتفاقية جوبا، ركّز على الحصول على وزارة المالية، حيث استخدمها كأداة لتكديس الثروة بدلًا من خدمة البلاد.
واتخذ قرار الحرب مع الحركة الإسلامية لانه كان يتوقع أن تكون الحرب قصيرة وسريعة وتكون وسيلة لتحقيق سيطرة سياسية واقتصادية أوسع، لكنه وجد نفسه اليوم في صراع مفتوح من أجل البقاء له ولحلفائه من قادة الجيش الذي تحول لفصيل مسلح وللإسلاميين الذي اصبحت عودتهم للحكم كسراب جبل تيقا !
استغلال القضايا العامة لمصالح شخصية :
•تحولت الحركات المسلحة إلى شركات عائلية، حيث يتولى أشقاء القادة مناصب ادارة المال، كما هو الحال مع حسين أركو مناوي، الذي يدير حركة تحرير السودان كشركة خاصة.
ومثله ايضا عبد العزيز نور عشر الأخ غير الشقيق لجبريل إبراهيم ، الذي يمارس السمسرة ويعمل وكيلا لكل الفاسدين من تجار الحركة الإسلامية ، أمثال عبد الباسط حمزة وغيره ، وايضاً مسؤول (الكوميشن) في معاملات وزارة المالية قبل الحرب وبعدها .
2. الأثر الاجتماعي والسياسي للحركات المسلحة والقوات المشتركة :
1. تأثير الحرب على المجتمعات المحلية
•منذ اندلاع النزاع في دارفور عام 2003، كانت المجتمعات المحلية هي الضحية الأكبر، حيث نزح الملايين بسبب الحروب، بينما تحولت القيادات العسكرية للحركات المسلحة إلى سماسرة في صفقات سياسية واقتصادية.
•تستمر هذه المجتمعات في دفع ثمن الصراعات، بينما تتزايد ثروات قادة الحركات المسلحة الذين يعيشون في منازل فاخرة في الخرطوم وغيرها، بعيدًا عن معاناة الأهالي وواقع المجتمعات التي تعاني النزوح والتشرد، وهذا السوق تاجرت فيه اسماء كثيرة يمكن ان يكون اشطرهم التجاني سيسي الذي جاء من كرسي الوظيفة لكرسي الحركات ليحقق افخر البيوت والسفاهة في ليل الخرطوم دون ان يدفع قطرة دم او موقف بطولي.
2. ارتباط القوات المشتركة بالصراعات الإقليمية والدولية
•لا يمكن فصل هذه الحركات عن التأثيرات الخارجية، حيث تحصل بعض الفصائل على دعم مالي وعسكري من جهات إقليمية لتحقيق أجندات قادتها .
•يُستخدم قادة الحركات المسلحة كأدوات في صراعات مستمرة حتى خارج السودان في الماضي واصبحت بندقيتهم تشكل خطرا على الاستقرار في الإقليم لأنها مرهونة للإيجار لمن يدفع كما يفعلون مع البرهان والحركة الإسلامية اليوم ومواقفهم تدفع لإطالة أمد الحـ رب لان مصالحهم ترتبط بإستمرارها ، وليس بإيجاد حلول جذرية للأزمة السودانية.
الخاتمة
القوات القبلية المشتركة في حرب السودان اليوم ، ليست سوى انعكاس لطبيعة الصراع في البلاد، حيث تحولت الحركات المسلحة من أدوات نضال إلى وسائل لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ضيقة لقادتها وأفراد من اسرهم .
وبينما تستمر هذه الحروب في تدمير المجتمعات المحلية، يواصل قادة هذه الحركات الاستفادة من الفوضى، محولين السياسة إلى تجارة، والمجتمعات المهمشة إلى وقود لصراعات لا تخدم سوى نخب الحركة الإسلامية الفاسدة وحلفاءها.