هكذا تبدو الخرطوم بعد أشهر من سيطرة الجيش: دمار واسع ومحاولات خجولة للحياة
محمد محمد عثمان – بي بي سي | آخر خبر
ـ في تلخيص جديد له من العاصمة السودانية الخرطوم بعد أشهر من إستعادة سيطرة الجيش السوداني عليها، عاد مراسل “بي بي سي” إلى أم درمان، مسقط رأسه، بعد غياب أشهر فرضته المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السـ ريع.
وعلى الرغم من سيطرة الجيش الكاملة على العاصمة، فإن مشاهد الدمار والخراب لا تزال تهيمن على المشهد.
هدوء نسبي بعد معارك طاحنة
خلال زيارته السابقة في مارس/آذار، كانت المعارك مستمرة، ومنعت الوصول إلى العديد من المناطق. أما اليوم، فقد تبدلت الصورة: الجيش استعاد السيطرة، وقلّ عدد الحواجز العسكرية التي حلّت محلها قوات شرطة، بينما أُعيد فتح الجسور بين مدن العاصمة الثلاث بعد عامين من الإغلاق.
في منطقة الصالحة جنوبي أم درمان، تبدو آثار القتال واضحة: دبابات محتـ رقة، مبانٍ مدمّرة، وطرقات خالية من المارة، باستثناء قلة تبحث عن مياه الشرب.
عودة خجولة للسكان وسط أطلال المدينة
رغم حجم الدمار، بدأت بعض العائلات بالعودة تدريجياً. السيدة “آمنة” – التي نزحت لعامين – وجدت منزلها شبه مدمر، وقالت بمرارة: “لا نملك شيئاً، لكننا أحياء، وهذا عزاؤنا الوحيد”.
وفي شرق النيل، حيث كان الدمار أقل نسبيًا، قال المعلم محمد الفاتح إنه يشعر بالأمان بعد عودته، لكنه لا يستطيع إعالة أسرته، بسبب توقف الرواتب واعتماده على تحويلات الأقارب من الخارج.
بنية تحتية مدمّرة ومؤسسات منهارة
معظم شبكات المياه والكهرباء والمرافق الصحية خرجت عن الخدمة.
منطقة وسط الخرطوم – التي تضم الوزارات والمؤسسات الكبرى – تحولت إلى هياكل محترقة، فيما بدأت بعض الوزارات، كالصحة والداخلية، محاولة استئناف نشاطها.
والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة أكد للبي بي سي أن معدلات العودة “كبيرة جدًا”، مشيرًا إلى أن بعض الخدمات بدأت تُستأنف تدريجياً، بدعم من جهود محلية تطوعية.
الأمن.. من القصف إلى السطو
مع توقف القصف، برزت مشكلة جديدة: تصاعد عمليات السطو المسلح.
وتحدث السكان عن سرقات تُنفذ أحيانًا على يد أفراد يرتدون الزي العسكري.
أبرز تلك الحوادث مقـ تل شاب في منطقة الحتانة خلال محاولة نهب هاتفه.
ورغم تقليل الوالي من خطورة هذه الظواهر، أكد صدور تعليمات فورية باعتقال العسكريين المتورطين، وتنفيذ حملات لضبط النظام.
بارقة أمل في شارع النيل
في أم درمان، عاد شارع النيل ليكون متنفسًا لسكان المدينة، بعد تنظيفه وإعادة افتتاح بعض المحال، لتعود العائلات تدريجياً إليه.
مشهد يشبه محاولة استعادة نبض الحياة وسط مدينة منكوبة.
إعادة الإعمار.. حلم مؤجل
الأمم المتحدة قدّرت تكلفة إعادة إعمار الخرطوم بمئات المليارات من الدولارات، في عملية قد تستغرق أكثر من خمس سنوات.
إلا أن المساعدات الدولية معلّقة، والخطط الحكومية غير واضحة، ما يترك المواطنين بين خيارين أحلاهما مرّ: البقاء في النزوح أو العودة إلى مدينة مدمّرة.

