آخر خبر
اخبارك في موعدها

عثمان ميرغني ـ يكتب: ضحـ ـايا مسجد الفاشر..!! 

عثمان ميرغني ـ يكتب: ضحـ ـايا مسجد الفاشر..!!

عثمان ميرغني

ـ لا تزال مدينة الفاشر تُفجع العالم مع إشراقة شمس كل صباح جديد.

فجر أمس الأول، حرص المصلون على الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الفجر في مدينة يلفها الظلام الدامس، وتطوي بطون أهلها المجاعة القاسية التي ضربتها منذ ما يقرب من عامين.

سمعوا صوت المنادي يصدح: “الصلاة خير من النوم”، فلبّوا النداء.

لكن في اللحظة ذاتها، كان آخرون يُجهّزون طائرة مسـ يرة تحمل الموت لأناس لا يعرفونهم، ولا يعرفون لماذا صدر بحقهم حكم الإعـ دام.

وبينما كانوا مستغرقين في متابعة تلاوة الإمام، هبطت قذيفة من طائرة مسيّرة أطلقها التمرد على سقف المسجد، وهي تدرك أن تلاصق صفوف المصلين كافٍ لإحداث أكبر عدد من القتـ لى والجرحى.

وفي لحظة، تحوّل المكان إلى مشهد مروع: أكثر من سبعين روحًا حَلّقت فوق الأنقاض، تنظر إلى الأشـ ـلاء وتسأل: “بأي ذنب قُتـ لت؟” أنفس بريئة، لم ترتكب إثمًا.

كل يوم، عشرات يرحلون برصـ ـاص مباشر أو شظايا مميتة.

أطفال لا تقوى أجسادهم الهزيلة على تحمل الجوع، فتطويهم المجاعة بصمت وهم يصرخون، وتبلل الدموع مآقيهم، ونساء لا يعرفن من يبكين: أحوالهن أم فلذات أكبادهن المتيبسة؟

الذي يطلق القذيفة على المدنيين يهتف بالتكبير، يرفع إصبعين من كفه الأيمن وهو يردد: “اتنين بس.. يا نصر.. يا شهادة”.

وربما يتلو آية قرآنية: “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.

ثم، ما إن يكمل وجبته من الدمـ ـاء، يلحق بصلاة الفجر حتى لا يفوته فضلها، وبعدها يسحب مسبحة تتدلى من عنقه، ليسبّح ويحمد الله!

قرارات مجلس الأمن مجرد صرخة في وادٍ من الصمت.

استغاثات الشعوب والمنظمات والقلوب الإنسانية كلها لم تُشفع ولا أحد يجيب عن السؤال الكبير: لماذا؟

لماذا الفاشر تُسحق، تُسحل، وتُكوى؟

حديث المدينة السبت 20 سبتمبر 2025

شاركها على
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.